الحمد لله الكريم الوهاب...والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين...
حديثنا اليوم عن خُلق عظيم من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون...
إنه خُلق الكرم...
فمَنْ عُرِفَ بالكرم عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده ، وتحليه بالكرم.
ما هو الكـــرم؟
الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قالSmileفأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله( البخاري
منزلة الكرم والجود:
* الكرم صفة من صفات الله عز وجل, فالله هو الكريم وهو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.
* الكرم خُلق الأنبياء عليهم السلام...فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفاً ونسبًا، وأجود الناس وأكرمهم في العطاء والإنفاق.
كما تروي عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛ فسألها النبي: (ما بقي منها؟) فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال: (بقي كلها غير كتفها) صحيح الترمذي
* قد رغَّبنا الله فيه في أكثر من موضع من القرآن الكريم، قال تعالى {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون}
* وحثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الكرم ورغب فيه؛ فقال ))من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه ((البخاري
أنـــواع الكـــــرم:
و بما أن الكرم يطلَق على ما يحمد من الأفعال؛ فإن له أنواعًا كثيرة منها:
1- الكرم مع الله:
المسلم يكون كريمًا مع الله بالإحسان في العبادة والطاعة، ومعرفة الله حق المعرفة.
2- الكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم:
ويكون بالاقتداء بسنته، والسير على منهجه، واتباع هديه، وتوقيره.
3- الكرم مع النفس:
فلا يهين الإنسان نفسه، و يعرضها لقول السوء أو اللغو، وقد وصف الله عباد الرحمن بأنهم {وإذا مروا باللغو مروا كرامًا }
4- الكرم مع الأهل والأقارب:
المسلم يكرم زوجه وأولاده وأقاربه، وذلك بمعاملتهم معاملة حسنة، والإنفاق عليهم،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (إعتاق عبد)، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك ((مسلم
5- إكرام الضيف:
قال النبي صلى الله عليه وسلم ))من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ((البخاري
ثمرات الكرم:
1- الكرم يقرب من الجنة ويبعد عن النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ))السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار (( الترمذي
2- الكرم بركة للمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفاً ((البخاري
3- الكرم عِزُّ الدنيا، وشرف الآخرة، وحسن الصيت، وخلودُ جميل الذكر.
4- الكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين.
دوافع تعين على الكرم:
1- أن يعلم أن المال مال الله، وأنه نفسَه مِلْكٌ لله.
2- أن يثق في الله، فلا يخشى الفقر إذا أنفق.
3- أن يتأسى بالنبي وبصحابته في إنفاقهم.
4- أن يدرب نفسه على الجود والكرم في جميع أوقات العام، وخاصة في شهر رمضان، وفي الأعياد والمناسبات التي تحتاج منه إلى ذلك.
5- أن يتذكر بأن ثواب الله عظيم وقد جعل عاقبة المنفقين الفوز والفلاح.
بارك الله لي ولكم...وجعلنا من الكرماء قولاً وفعلاً...وأكرمنا بأن نبلغ عفوه ورضاه...